الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012

ولدت فنان نوبي


في أحد القرى النوبية يلعبون مثل كل الاطفال لعبة الفرح تقليد للأفراح يتم أختار العريس والعروسة وأصدقاء العريس وأصدقاء العروسة ويقومون بكل المراسم الأفراح التي يشاهد الكبار يفعلونه كان هو يختار دور المغني الذي سوف يحي الاحتفال ويغني لكي يتراقص على صوته ودفه الصغير للاطفال بالأغاني التي كان يسمعها في الأفراح دائماً كان هناك بجانب المغني في جميع أفراح القرية حتى انه استطاع ان يصنع له طنبور يتغنى على انغامه الجميل وكانت لهم جلس كل يوم خميس يتغنون به الى الصباح الباكر هو وأصدقاء كان يتغنى بين أصدقاءه بدون اي خجل لكن يكن يملك الجراءة ان يغني على ملئ من الناس ومرت الايام والشهور ومازال يحلم بأن يكون مثل كل المغنين الذين يأتون من هنا وهناك لكي يحي الأفراح في القرية وهو مازال يغني لأصدقائه الى ان جاء اليه يوم أحد الأصدقاء ومعه أحد أقرباءه ويدعوه الى ان يحي له ليلة الحنة لان المغني الذي كان سوف يأتي من قري أخرى لكي يحي الفرح توفى خال له ووأبلغهم في الصباح انه لن يستطيع ان يحي الفرح ولقد سمعت من حمو صديقك انك تملك صوت جميل وانك تستطيع ان تساعدني في ذلك حتى لو كانت ساعة من الزمن ان انتظر هذا اليوم من سنتين فلا تفسد على فرحتي وتحت الإلحاح تمت الموافقة بعد تشجيع من الأصدقاء انهم سيساعده في الترديد الاغاني معه فوافق وكان الموعد في المساء الأصدقاء ومعهم الدفوف ( التيران) وعملية أحماء وشد الدفوف لكي تصدح وتطلق العنان تحت أيديهم ونغمة الكوبن كاش ونغمة النقرشاد وكانت البداية بأسمر اللونا تلك الاغنية الفلكورية القديمة في شكل كورال جماعي ما ان تغلب على خجله حتى تركوا يتغنى وهم يرددون خلفه الاغاني وكان هناك تجوب كبير من الحضور الذين بدأو يرددون معه بعض المقاطع وأتحدت الصفوف الرجل يمين ونساء شمال في صفوف والأطفال أيضاً وأهل العريس والعروس نساء العائلة يضعنا السردهان على كتفهن بألوانه الزاهي وأحدهنا تحمل (شور) طبق نوبي و فيه صنية مليئه بالحنة وفيه بعض الشموع التي سوف يتزين بها العريس في الصباح بعد الفرح ، وأخذ يغني المزيد من الاغاني ( الله لون يا لون ثم اسمرشيرتو ثم الماري الماري توا) والكل في فرح حتى ساعات الصبح الاولى التي أعلنت ميلاد يوم جديد وفي نهاية الفرح توجه له العريس و أصدقاءه لكي يأكد عليه انه سوف يحي ليلة الفرح أيضاً

حتى لا أنسى شذي تلك الزهور القديمة

ها هو الربيع مرة اخرى زهور تزدهر في كل مكان والاحتفالات بشم النسيم على وادي النيل من الجنوب الى الشمال بهذا اليوم الذي يحتفل به المصريين من قديم الازال وها أنا اتذكر شجرة حنة الجميلة الغير الممتناسقة الموجود أمام منزلنا تلك الشجرة التي زراعته جدتي من فترة طويل وهم شجرتان فقط تقريبا للحنة في قريتنا وهي احدهم اما عن هذه الشجرة عندما تزهر زهوره لتتجمع عليه النحل والدبابير و بعض الفراشات ( نادر جداً) تنشر شذه في الجو وكانت زهوره غريبة صغيرة وكثيرة ومع بعضها ليست منفردة لكنها تزهر في مجموعات كانت هي هواية لكثير من سيدات القرية الذين يعبرون من هناك ان يقطف زهور الحنة ويستمتع برائحته لتجد تلك الابتسامة الغريبة ترتسم على وجههم التي جعلتها تصغر لتصبح في ربيعها العشرين لم يستطع التهجيروالزمان ان يخفي تلك الابتسامة ولم اكن اعرف معناها لكن الان استطيع انا اعرف معناها انها رائحة ذكريات الماضي والصبا لانها شجرة قديمة كانت موجودة في قري التي غرقت كانت يزرعونها على ضفاف النيل هلا مازال يقطفون الزهور لكي يستعيد به ذكريات ويبتسمون ويقولون سامحون على قطف الزهرة وترد جدتي مسامحين (الحوار بلغة النوبية ) ويذهبون وهم يسبحون في بحر من الذكريات التي تنتقل لهم عن طريق رائحة زهور الحنة والابتسامة تخفت وتخفت الى ان تختفي وكل ما اعتقده الان اغلبهم قد رحل عن دنيانا او يجلسون في منازلهم مع احفادهم ليعيش معهم اخر أيامهم ويحكون لهم ( كومالن كومال ) ( كان ياما كان .بالنوبي )عن تلك البلاد القديمة التي كانت على ضفاف النيل كيف كانوا فيها يقضون أيامهم بين النخيل والنهر والقصص جميع وهم يسمعون وهي تنقل لهم ذلك الإرث الكبير من الذكريات التي ستصبح يوم من الايام الدافع لعودتهم الى هناك .........ربيع ٢٠١٢ يوم ١٧ ابريل